ثقافة الحوار في الفضاء العمومي الافتراضي : دراسة ميدانية على عينة من مستخدمي الفايسبوك في الجزائر

Abstract

تناولت هذه الدراسة واقع ثقافة الحوار في الفضاء العمومي الافتراضي إذ سعت إلى التعرف على عادات وأنماط ودوافع استخدام الشباب الجزائري لمنصة الفايسبوك كفضاء عمومي افتراضي وتسليط الضوء على طبيعة القضايا والمواضيع التي يتحاور حولها أفراد العينة في المنصة ومدى التزامهم بأخلاقيات الحوار، بالإضافة إلى الآثار المعرفية والوجدانية والسلوكية المترتبة على ثقافة الحوار لديهم جراء هذا الاستخدام. واعتمدت الدراسة في بنائها النظري على نظرية الاستخدامات والإشباعات ونظرية الاعتماد على وسائل الإعلام ونظرية الفعل التواصلي للإجابة على مجموعة الأسئلة الفرعية المطروحة، وبما أن هذه الدراسة تصنف ضمن الدراسات الوصفية والكمية فقد اعتمدت الباحثة منهج المسح بالعينة باستخدام الاستبيان الالكتروني كأداة أساسية لجمع البيانات والذي تم تطبيقه على عينة متاحة قوامها 542 شابا جزائريا مستخدما منصة الفايسبوك ومتابعا لإحدى الصفحات المذكورة في الفصل الأول. وهذا قد أسفرت الدراسة عن جملة من النتائج نذكر أهمها فيما يلي:  كشفت الدراسة أن أغلبية المبحوثين عينة الدراسة يستخدمون منصة الفايسبوك منذ أكثر من 3 سنوات، بحجم ساعي يترواح بين (ساعة إلى 3 ساعات) يوميا وهذا راجع إلى الترابط الاجتماعي الذي يفرض التواصل مع الأصدقاء والعائلة مما يعزز العلاقات الاجتماعية، كما أن شكل المحتوى المتنوع في منصة الفايسبوك بما في ذلك الصور والفيديوهات والمقالات يجذب المستخدمين للبقاء لفترات طويلة.  نصف أفراد العينة من الشباب يفضلون التحاور مع أصدقائهم باستخدام الصفحـــــــــــــــــــــــــة أو الحساب الشخصي في تحاورهم، وذلك راجع إلى الدعم العاطفي والنفسيالذي يتلقاه المستخدمون من طرف الأصدقاء، كما أن التحاور مع الأصدقاء يشعر الشباب بالراحة والخصوصية ويمكنهم من تبادل الأفكار.  يحرص معظم المبحوثين عينة الدراسة على التفاعل مع القضايا أثناء تحاورهم عبر منصة الفايسبوك بالنقر على أحد الرموز التعبيرية مع تفضيل الدردشة الكتابية، ويفسر ذلك بأن التواصل عبر النصوص المكتوبة يسهل التفاعل الفوري من خلال تبادل الرسائل وهو ما يساعد على توفير الوقت إلى جانب توثيق الدردشات الكتابية والرجوع إليها في أي وقت.  أغلب أفراد العينة يتحاورون عبر منصة الفايسبوك بدافع الحصول على معلومات دقيقة وموثوقة حول القضايا أو المواضيع المختلفة باستخدام اللغة العربية الفصحى في المرتبة الأولى، مع تفضيل استخدام الكلمات المختصرة للتعبير عن آرائهم وأفكارهم،

ونفسر هذه النتائج بأن اللغة العربية توفر تعبيرا دقيقا وواضحا كما أنها تمكن من التواصل مع جمهور واسعمما يسهل فهم الرسائل بين المستخدمين.  انصب اهتمام المبحوثين على القضايا الوطنية وكانت قضيتا البطالة والبحث عن منصب عمل وانخفاض القدرة الشرائية للمواطن وارتفاع الأسعار ضمن القضايا المطروحة للنقاش، ويرجع هذا الاهتمام بمثل هذا النوع من القضايا بحكم الانتماء الوطني وارتباط المبحوثين ببلدهم، كما يسعى العديد من المستخدمين إلى تحسين أوضاعهم الوطنية، ويدركون أن النقاش حول هذه القضايا خطوة للتغيير.  يلتزم المبحوثون عينة الدراسة أثناء تحاورهم مع بعضهم البعض بالأسلوب الهادئ ويتجنبون العبارات الجارحة أثناء الحوار، كما أنهم يتحاورون مع من لهم آراء مختلفة عن آرائهم وذلك من أجل إقناعهم بآرائهم.  عزز استخدام الفايسبوكلدى المستخدمين عينة الدراسةأخلاقيات الحوار مع الآخر، من خلال تنوع الآراء وتبادل وجهات النظر المختلفة بشكل مهذب إلى جانب التفاعل البناء.  عزز استخدام منصة الفايسبوك على المعارف المتكونة لدى المستخدمين حول ثقافة الحوار، وشكلت لهم هذه المنصة مصدرا للحصول على المعارف المتعلقة بثقافة الحوار باختلاف المتغيرات السوسيوديمغرافية للمبحوثين، وذلك من خلال تبادل الآراء والمعلومات والخبرات حول القضايا كأهم أثر معرفي.  أثر استخدام منصة الفايسبوك على الآثار الوجدانية المتكونة لدى المبحوثين عينة الدراسة على ثقافة الحوار لديهمباختلاف نوعهم ومستوياتهم التعليمية وسنهم، وذلك من خلالتعزيز عدم الشعور بالاغتراب تجاه الآراء المعارضةذلك أن التعرف على الآراء المختلفة يساعد على تقليل الشعور بالانفصال عن الآخرين، كما أن تبادل الأفكار يمكن المستخدمين من التفاعل مع الآراء المعارضة بطريقة بناءة مما يعزز الحوار ويقلل من التوتر، إضافة إلى أن استخدام منصة الفايسبوك من طرف المبحوثين عينة الدراسة ساهم في التأثير على سلوكياتهم حول ثقافة الحوار بشكل إيجابي من خلال عدم تغيير نمط الحوار سلبا بعد استخدام منصة الفايسبوك.