Résumé:
انطوت هذه الدراسة على بيان أهمية الصياغة القانونية كأداة محورية في بناء النظام الجزائي، حيث لا يقتصر دورها على الجانب الشكلي للنصوص القانونية، بل يمتد إلى الجانب الموضوعي الذي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بمبدأ الشرعية الجنائية. إذ يتطلب هذا المبدأ أن تكون الجرائم والعقوبات محددة بنصوص قانونية واضحة ودقيقة لا تحتمل التأويل، حتى لا يُترك المجال للقاضي أو رجل السلطة للتوسع أو التضييق في التجريم أو العقاب.
وقد تتبعت الدراسة تطور الصياغة القانونية في التشريع الجزائري منذ الاستقلال، مع التركيز على التحولات التي شهدها القانون الجزائي، سواء من حيث استجابة المشرع للتحولات الاجتماعية والاقتصادية أو من حيث سعيه لتحقيق فعالية النصوص الجزائية وضمان الأمن القانوني.
وتمثلت الدراسة في تحليل العناصر الشكلية للصياغة كطريقة إعداد النصوص، وبنية اللغة القانونية، والأسلوب المعتمد، مع إبراز الفوارق بين الصناعة التشريعية والتنظيمية. فضلًا عن تحديد الأدوار التي تلعبها كل من السلطة التشريعية، والحكومة، واللجان المتخصصة في صناعة النصوص. كما تناولت من جهة أخرى المبادئ الموضوعية التي تحكم الصياغة، وفي مقدمتها مبدأ الشرعية، مبدأ الملاءمة، مبدأ التناسب بين الجريمة والعقوبة، ودور هذه المبادئ في توجيه الصياغة نحو نصوص فعالة ومتوازنة.
وسلطت الدراسة الضوء أيضًا على الإشكالات التي تعترض تحقيق الأمن القانوني نتيجة الصياغة الغامضة أو المتناقضة أو المتسرعة، وغياب المراجعة الشاملة للنصوص قبل إصدارها، مما قد يؤدي إلى تعديلات تشريعية غير متناسقة، وغياب التنسيق يؤدي إلى التعارض بين النصوص القانونية، أو تكرار التجريم أو العقوبات.