الاتحاد المغاربي 1989 : النشاة ، التطور، المصير

Abstract

شهد النظام الدولي بعد الحرب العالمية الثانية تحولًا نحو التكتلات الإقليمية كبديل عن التحالفات العسكرية، إذ ركزت هذه التكتلات على تحقيق التكامل الاقتصادي كوسيلة لتعزيز الاستقرار والتنمية، بدلًا من الاقتصار على المصالح السياسية. وقد تسارعت وتيرة هذا الاتجاه مع نهاية عقد الثمانينيات، مدفوعة بتحولات كبرى كـانهيار الاتحاد السوفييتي وصعود نظام عالمي أحادي القطبية تقوده الولايات المتحدة الأمريكية. في هذا الإطار جاء اتحاد المغرب العربي كمحاولة إقليمية واعدة في شمال إفريقيا، استندت إلى تاريخ مشترك من النضال ضد الاستعمار الفرنسي، حيث توحّدت حركات التحرر المغاربية خلال فترة الاستعمار في كفاحها من أجل الاستقلال. وبعد نيل الاستقلال، شرعت دول المنطقة في إرساء أسس التعاون، وكانت البداية سنة 1964 بإنشاء اللجنة الاستشارية الدائمة، كخطوة أولى نحو الاندماج الاقتصادي المغاربي. إلا أنّ هذه المبادرة سرعان ما توقفت سنة 1975 بسبب اندلاع النزاع حول الصحراء الغربية، الذي ساهم في تجميد التنسيق المغاربي، واستمر هذا الجمود حتى نهاية الحرب الباردة. ومع التحولات الدولية آنذاك، أعيد إحياء فكرة الوحدة، وتم تأسيس اتحاد المغرب العربي رسميًا في 17 فبراير 1989 بمراكش، بهدف دعم التكامل الاقتصادي والتقارب السياسي بين الدول الأعضاء. يتكوّن الاتحاد من خمس دول هي: المغرب، الجزائر، تونس، ليبيا، وموريتانيا، وقد وضع لنفسه هدفًا رئيسيًا يتمثل في تحقيق الوحدة المغاربية وتسهيل التبادل الاقتصادي والسياسي والثقافي بين شعوبه. غير أنّ الاتحاد لم يتمكن من تحقيق الأهداف المعلنة، حيث بقيت معظم الاتفاقيات دون تنفيذ فعلي، نتيجة خلافات سياسية مزمنة، خاصة بين المغرب والجزائر، مما أدى إلى شلل مؤسسات الاتحاد وتراجع تأثيره في دفع مسار التعاون الإقليمي إلى الأمام.