Résumé:
تعد البنوك الرقمية من أبرز مظاهر التحول التكنولوجي الذي شهده القطاع المالي، اذ تمثل نموذجًا مصرفيًا جديدًا يعتمد بشكل كلي على الوسائط الرقمية في تقديم الخدمات دون الحاجة إلى شبكة فروع تقليدية. وقد أثار هذا النمط المصرفي المستتجد العديد من التساؤلات القانونية لا سيما فيما يتعلقبالإطار الناظم لهذا لنشاطه وشروط ممارسته للعمل البنكي، والضمانات الكفيلة باخضاعه للرقابة , وحماية حقوق المتعاملين معه .
يتناول الفصل الأول تحليلا نظريًا لطبيعة البنوك الرقمية والأسس التنظيمية التي تؤطّر نشاطها. ففي ظل التطورات المتسارعة في مجال التكنولوجيا المالية، يكتسب فهم هذه المفاهيم الاساسية اهمية بالغة باعتباره تمهيدا ضروريا لتحليل الاطار القانوني الناظم لوجودها و نشاطها . وانطلاقًا من ذلك، يركّز المبحث الأول على ضبط المفاهيم المتعلّقة بالبنوك الرقمية، من خلال دراسة نشأتها، تعريفها، خصائصها المميّزة، تمييزها عن غيرها من الكيانات المصرفية التقليدية، فضلا عن بيان المبرّرات التي تقف وراء اعتماد هذا النموذج. أمّا المبحث الثاني، فسيسلط الضوء على المتطلبات القانونية والتنظيمية لتأسيس البنوك الرقمية،مستعرضا الإطار القانوني المنظّم نشاطها، من حيث الشروط والضوابط الرقابية اللازمة لمواجهة المخاطر المترتبة عن رقمنة القطاع المصرف
تم تخصيص الفصل الثاني لدراسة خصوصية العمليات المصرفية في البيئة الرقمية، باعتبارها أحد المرتكزات الأساسية التي يقوم عليها نموذج البنوك الرقمية، وأحد أبرز التحديات التشريعية التي تفرض مراجعة القواعد القانونية المعمول بها, وتكييفها بما يتماشى مع خصوصيات البيئة الرقمية المعاصرة, كما تم التركيز على تحليل الأسس القانونية التي تنظم العقود المصرفية الرقمية ووسائل الدفع المستحدثة، في ظل التغيرات الجوهرية التي فرضتها التكنولوجيا المالية على آليات العمل المصرفي.
ففي المبحث الأول، تناولت الدراسة موضوع العقود المصرفية الرقمية، باعتبارها الرابطة القانونية المنظمة للعلاقة بين المؤسسات المصرفية الرقمية والمتعاملين معها. وتم التطرق تعريف هذه العقود و بيان خصائصها، وابراز أوجه تمايزها عن العقود المصرفية التقليدية والإلكترونية، كما تمت مناقشة الإشكالات القانونية المرتبطة بها، لا سيما ما يتعلق بمسائل الإثبات، وصحة التوقيع الإلكتروني، والمسؤولية المدنية الناتجة عن الإخلال بالالتزامات في بيئة مصرفية رقمية تتسم بالتحول السريع و الديناميكية العالية .
أما المبحث الثاني، فقد خُصص لوسائل الدفع الرقمية، باعتبارها من الركائز العملية الأساسية للبنوك الرقمية. وقد تم تصنيف هذه الوسائل إلى تقليدية مطوّرة وحديثة قائمة على تقنيات ناشئة، مع تحليل الإطار القانوني والتنظيمي الذي يؤطر استخدامها. كما سلط المبحث الضوء على جملة من التحديات التي تواجه المنظومة التشريعية الجزائرية في هذا المجال وعلى رأسها بطء التكيّف مع التطورات الرقمية، وغياب نصوص قانونية خاصة ببعض الخدمات المصرفية الرقمية، فضلا عن ضعف الحماية القانونية للمستخدمين في ظل التهديدات السيبيرانية .
وقد خلص الفصل إلى أن رقمنة العمليات المصرفية لا تقتصر على البينة التقنية والتنظيمية فقط ، بل تتطلب وجود منظومة قانونية مرنة ومتكاملة، قادرة على استيعاب خصوصيات هذا التحول، وضمان تحقيق التوازن بين الابتكار التكنولوجي وحماية الحقوق القانونية و ضمان الأمن المصرفي من جهة أخرى