Résumé:
تُعتبر الحكومة أحد الفاعلين الأساسيين في العملية التشريعية في النظام الدستوري الجزائري، إذ خوّلها المؤسس الدستوري صلاحية مبادرة التشريع من خلال تقديم مشاريع القوانين، وذلك عملاً بنص المادة 107 من دستور 2020، والتي كرّست مبدأ المبادرة التشريعية المزدوجة بين الحكومة وأعضاء البرلمان. كما لا يقتصر دور الحكومة على تقديم المشاريع فحسب، بل يتعداه إلى المشاركة الفعلية في مراحل مناقشتها سواء على مستوى اللجان الدائمة أو خلال الجلسات العامة في الغرفتين، حيث تمثَّل من قبل أعضاء الحكومة الذين يحق لهم التدخل، وتقديم التوضيحات، واقتراح التعديلات، وهو ما يعزز من حضورها في المسار التشريعي.
وقد شهد هذا الدور تطورًا لافتًا بموجب التعديل الدستوري لسنة 2020، لا سيما من خلال توسيع صلاحيات الحكومة في مجال فضّ الخلاف التشريعي بين غرفتي البرلمان، عبر آلية اللجنة المتساوية الأعضاء، التي يتم اللجوء إليها في حال عدم التوصل إلى توافق حول النص محل الخلاف. وتملك الحكومة، في هذا السياق، إمكانية سحب المشروع أو فرض القراءة الأخيرة من قبل المجلس الشعبي الوطني، مما يشير إلى منحها سلطة مرجِّحة في الحالة التشريعية الثنائية.
هذا الامتداد لصلاحيات الحكومة في المجال التشريعي، على الرغم من أنه يهدف إلى ضمان الانسجام والفعالية في إصدار القوانين، إلا أنه يثير تساؤلات جوهرية حول مبدأ التوازن بين السلطات، ومدى احترام مقتضيات النظام النيابي الذي يفترض وجود رقابة متبادلة وتعاون متوازن بين السلطتين التنفيذية والتشريعية. كما يُسلط الضوء على إشكالية فعالية العمل البرلماني في ظل هيمنة نسبية للسلطة التنفيذية، وهو ما يُحتّم إعادة تقييم آليات الضبط والتوازن بما يكفل استقلالية السلطة التشريعية ويحافظ في الوقت ذاته على نجاعة العملية التشريعية.